الخميس، 18 يونيو 2009

رئيس الوزراء الاسرائيلى يواجه مأزق الجذب والدفع

ان تولى منصب زعيم اسرائيل ليس امرا سهلا، حيث تجتمع عوامل الضغط السياسى فى الداخل، وتهديدات المنافسين المستمرة بالهجوم، والحاجة الى ارضاء المجتمع الدولى، لتجعل هذا المنصب واحدا من اصعب المناصب فى عالم السياسة.

ويدرك رئيس الوزراء الاسرائيلى، بنيامين نيتانياهو، الذى تولى منصبه فى اواخر مارس، ان تحقيق التوازن شبه مستحيل.

فعلى سبيل المثال، نجد ان احد شركائه المتشددين فى التحالف، حزب شاس، قدم تشريعا هذا الأسبوع يقول فيه انه فى حالة افراج اسرائيل عن "الارهابيين الفلسطينيين"، فإنه يجب عليها ايضا اطلاق سراح "الارهابيين اليهود".

ومن جانب اخر، يدير اقرب حليف لاسرائيل، الولايات المتحدة، ظهره لها بشأن قضية المستوطنات . وقالت وزيرة الخارجية الامريكية، هيلارى كلينتون، ان ادعاء اسرائيل بأن ادارة بوش وعدت بانها ستسمح بتوسيع المستوطنات الاسرائيلية فى الضفة الغربية ببساطة أمر غير حقيقى.

وهذه انواع ضغوط المعارضة التى يواجهها نيتانياهو يوميا . ومن المتوقع ان يلقى خطابا هاما يوم الاحد يتناول فيه قضية الصراع الاسرائيلى-الفلسطينى، والقضية النووية الايرانية، وربما فرص اعادة فتح محادثات السلام مع سوريا، ويأتى هذا الخطاب ردا على الخطاب الذى القاه الرئيس الامريكى باراك اوباما فى القاهرة يوم الخميس الماضى.

كما تلقى نيتانياهو، اضافة الى هذه الضغوط، مكالمة هاتفية من اوباما امس (الاثنين)، اراد من خلالها الزعيم الامريكى، كما يقال، معرفة ما يفكر فيه نيتانياهو بشأن خطابه.

يوجد بالاعلام الاسرائيلى الكثير من التوقعات فيما يتعلق بمحتوى خطاب نيتانياهو، والضغط المحتمل فرضه من واشنطن عليه الان، وبعد خطابه.

وقد انقسم الخبراء حول ما تستطيع الولايات المتحدة فعله وما يجب عليها ان تفعله، ما بين اقصى التجميد للمساعدات، الى المنع الفورى لوضع الاعفاء من الضرائب للمؤسسات الامريكية التى تجمع المال، وتدعم المستوطنات."

وقال جيرشون باسكين، المدير التنفيذى المشترك للمركز الاسرائيلى-الفلسطينى للابحاث والمعلومات ، انه " يمكن استخدام المظلة الامريكية
الواقية فى المنتديات الدولية، بما فى ذلك سحب الفيتو الامريكى التلقائى فى مجلس الامن الدولى". وتدعم الولايات المتحدة اسرائيل تقليديا فى معظم حالات التصويت فى مجلس الامن الدولى.

ورغم هذه الاحتمالات، يشعر العديد ان الولايات المتحدة ليست لديها السلطة الكافية على اسرائيل، ولا تريد اثارة غضب القيادة الاسرائيلية فى هذه الفترة المبكرة لإدارة اوباما.

وأكدت جاليا بار-ناتان، المحاضرة البارزة بكلية العلاقات الدولية بالجامعة العبرية فى القدس "ان قدرة امريكا محدودة فيما تستطيع أن تفعله، وان اوباما يعرف ذلك."

وقالت ان نيتانياهو له اجندته الخاصة، ويريد التمسك بها، مضيفة انه سيكون من الصعوبة بمكان اخضاع الارادة السياسية لرفاقه فى التحالف.

واضافت "ان الامريكيين يعلمون تماما ما هى السياسات الاسرائيلية. " من المفهوم ان اجندة نيتانياهو فى هذه المرحلة تركز على الدفع أولا تجاه التعاون الاقتصادى مع الفلسطينيين بهدف السماح بانشاء دولة فلسطينية منزوعة السلاح داخل حدود مؤقتة.

وهذا النوع من الاقتراحات لا يتوقع له النجاح مع الفلسطينيين . حيث انهم يعتمدون على تبنى اوباما لمبادرة السلام العربية.

تحث المبادرة، التى قدمت لاول مرة فى 2002، على الانسحاب الكامل لاسرائيل الى حدودها عام 1967 ، والتوصل الى حل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، مقابل تحقيق سلام كامل مع العالم العربى.

وفى المقابل، ترى حكومة نيتانياهو، فى افضل سيناريو، المبادرة العربية على انها اول وضع للتفاوض، ولكن بكل تأكيد ليست وثيقة " تقبل او ترفضكما هى " كما قدمها بعض الزعماء العرب.

وسيركز نيتانياهو، دون شك، على عدة قضايا فى خطابه تتحدى الاقتراح العربى، والتصريحات من جانب اوباما وفريقه.

وفيما يتعلق بالتنازلات عن الارض، فإنه يحتمل ان يعلن ان القدس ستظل "العاصمة المتحدة لاسرائيل". ويرى الفلسطينيون القدس الشرقية عاصمة اي دولة مستقبلية خاصة بهم.

وحول قضية المستوطنات الشائكة، يتوقع ان يقول نيتانياهو ان اسرائيل تريد الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية الكبرى القائمة . كما يمكن ان يطالب ايضا بتوسيعها للسماح "بالنمو الطبيعى".

واذا ما تطرق لقضية الللاجئين الفلسطينيين، وهذا امر غير محتمل، فسوف يرفض النداءات بإعادتهم.

وقالت بار- ناتان "ان اوباما اعلنها صريحة فى عدة مناسبات، على عكس بوش، ان الولايات المتحدة لن تمنح اسرائيل "شيكا على بياض" الذى تريده، ولكنى لا اعتقد ان الامريكيين يريدون القيام باكثر من ذلك فى الوقت الحالى."

وكما قال اوباما فى خطابه فى القاهرة وفى اى مكان منذ توليه الرئاسة ، فإنه يقدم اجندة مختلفة عن سلفه. ويحاول اوباما تخطى الفجوة مع العالم الاسلامى، وايجاد حلفاء وثيقين من الحكام العرب المعتدلين، وحل القضية النووية الايرانية من خلال المفاوضات.

وينقسم المحللون حول ما اذا كانت سياسة العصا والجزرة التى يتعامل بها اوباما مع اسرائيل مجرد تصريحات كلامية ، ام ينوى تطبيقها بالفعل.

واذا ماكان نيتانياهو يريد بالفعل التسوية والتحرك تجاه الموقف الامريكى، فإن بامكانه ان يفعل ذلك من خلال تغيير تحالفه. وبامكانه ان يطرد بعض الاحزاب المتشددة التى ضمها الى فريقه، ويحل محلها حزب كاديما، اكبر حزب فى البرلمان الاسرائيلى، الكنيسيت.

وهذا، يبدو من غير المحتمل، على الاقل على المدى القصير، ما يترك ايدى نيتانياهو مقيدة بشدة من جانب شركائه فى التحالف.

يذاع خطاب نيتانياهو على الهواء فى اسرائيل وغيرها دون شك. وسوف يترقب اعضاء حكومته المتشددون ظهور اية علامة تدل على ان نيتانياهو ليس معهم، وبعدها يبدأون تهديد استقرار حكومة نيتانياهو -- ويمكن ان يكون ذلك الخطوة الأولى تجاه اجراء انتخابات عامة، وتغيير اخر فى الحكومة. (شينخوا)

ليست هناك تعليقات: